القارئ للرسالة الملكية والتي وجهها جلالة الملك لأبناء شعبه الأردني الأبي، استثنائية في محاور ثلاث مهمة وهي الإيمان والمضمون والرؤية، حملت في كل واحدة منها معاني سامية تحتاج منا جميعا التقاطها بشكل استثنائي ومختلف، ولعلي استطيع ان اترجم هذه المحاور في عدد من النقاط وهي على النحو التالي: - الايمان: من القائد بشعبه وفخره بهم وما حققوه من إنجازات خلال العشرين عاما الماضية والتي تخللها تحولات واحداث إقليمية محيطة ودولية تنأ عن حملها دول عظام فالمتابع للأحداث المحيطة في الأردن يجد انه بمعدل كل أربع سنوات واجه الأردنيون تحدياً مختلفاً انعكس بآثاره على الأردن والاقتصاد الأردني بشكل مذهل ومع ذلك فإن المسيرة لم تتوقف لا بل هناك اعتزاز بمجهود وصبر وإنجاز الأردنيين.
الرسالة حملت العديد من العناوين والمضامين التي لابد من التقاط استثنائي لها من قبل الجميع وكشركاء، مواطنين وقطاعين عام وخاص، تناولت في أبرزها عدة محاور..
- المضمون: تضمنت الرسالة الملكية مضامين ومحاور قد يقول البعض انها سبق وتم طرقها او طرحها ولكن الوضع مختلف الآن حيث تم تشخيص ابرز التحديات التي تواجه الأردن والاقتصاد الأردني بدقة ووضوح حيث تم طرح هذه الموضوعات بنوع من الدقة والتحديد - الذي سيرتب مسؤولية على الجهة التنفيذية - والشمول بذات الوقت أساسها توفير الفرص والخدمات التي يستحقها المواطن الأردني فتناولت الرسالة في مضمونها التركيز على الاستثمار الأجنبي والمحلي ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع الخاص وكذلك تحديد القطاعات الواعدة وذات الأداء الإيجابي في ?لاقتصاد الأردني وفتح الأسواق للرياديين من الشباب والتركيز على صناعة المستقبل وتطوير النظام التعليمي والثورة التكنولوجية وهذا كله مستند على ضرورة تجسير فجوة الثقة بين الشعب والحكومة، وهي فجوة في حال استمرارها خسارة للجميع.
هذه المحاور هي ركائز ومحركات نمو اقتصادي حقيقي او سيتحقق ان أحسن إدارة تلك الملفات بعناية مما يجعلها تنعكس على معدلات التشغيل والحد من مستويات البطالة التي تشكل تحدياً واضحاً وخطيراً.
- الرؤية: اشتملت الرسالة على رؤية ملكية تتضمن ضرورة ترجمتها الى مستقبل نتطلع اليه ونسعى لعيشه مع أبناء الشعب كما وحققت الرسالة ملامح هذه الرؤية ومحركاتها الاستراتيجية القائمة على التميز والابداع والانفتاح على التغيير والتطور والتنوع، الا انه هذه الرؤية تحتاج الى تضامن كافة الجهود وضرورة اشراك المواطن في التخطط والتنفيذ لهذه الرؤية. وبعد رسم هذه الملامح تضمنت الرسالة ضرورة عقد ورشة عمل وطنية لوضع رؤية شاملة تفصيلية وخارطة طريق محكمة للسنوات القادمة وبمشاركة كافة القطاعات لضمان تحقيق النمو الشامل المستدام وز?ادة فرص العمل وتوسيع الطبقة الوسطى.
لا أعتقد أنه سبق وتم طرح رسالة شاملة متكاملة بهذا المستوى العميق الشامل لكافة الأنشطة والقطاعات وبمحاور نهوض واضحة ومحددة ولكنها تستدعي تجاوباً استثنائياً من السلطة التنفيذية وشركائها من كافة القطاعات المختلفة لأن هذه الورشة ومخرجاتها ستمثل اول لبنة أساس في إعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة. ما يستدعي ضرورة الابتعاد عن تكرار الأنشطة والمبادرات السابقة سواء من حيث الفكر او آلية العمل او حتى المنهجية والفرق المشاركة.. كما تتمثل الاستثنائية هنا بضرورة وجود شراكة حقيقية لان هذه الورشة بحد ذاتها هي تدريب عملي?على اعلى ممارسات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي نحن في أمس الحاجة الى معايشتها وتفعيلها فعلا لا قولا.